كتاب الكتروني: أحكام القرآن لابن الفرس (عدة صيغ)

نبذة عن الكتاب: [نقلاً عن فاتحة الكتاب]: وبعد، فإنه لما كان كتاب الله تعالى الأصل لكل معلوم، وجب على من اتصف بصفات المجتهدين، وأراد تعرف أفعال المكلفين، أن يبدأ أولًا فيعرف المنسوخ منه من المحكم، فإذا عرف ذلك، أخذ في استنباط الأحكام منه، ولا شك أنه إذا أخذ ذلك علم من الأحكام ما تعارضت فيه أدلة الكتاب واحتمالاته، ووجد من السنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يعارض معنى الكتاب أيضًا فيجب أن ينظر [في] أقوى الأدلة، وأظهر الاحتمالات، فإذا سلك هذه السبيل أمكن أن يسدد ويوفق. وكثيرًا ما يوجد من الأدلة والاحتمالات ما يكون أقوى عند قوم، وأضعف عند آخرين، وبحسب ذلك يقع اختلاف العلماء في المسألة الواحدة.
وإني لما تشوفت في عنفوان الطلب، ومبدأ التعلم إلى معرفة الأحكام الشرعية، تاقت النفس إلى هذه الطريقة، فنظرت في كتب أحكام القرآن المؤلفة في ذلك، فلم أجد فيها ما يشفي نهمة متعطش، ولا يقر عين طالب، لأني وجدتها، قليلًا ما نبه فيها على مآخذ حكم من ألفاظ الكتاب إلا في اليسير النزر. وأجل من اشتغل بذلك أبو الحسن كياه رحمه الله، فإنه سلك في ذلك الغرض المراد، لكنه ألم به إلمام الطير يحسو الثماد. ولما رأيت الأمر كذلك عنيت بالبحث عن ذلك، وطلب المسائل التي تستند إلى شيء من أدلة الكتاب العزيز، فاجتمع من ذلك كثير. فرأيت أن أجمعها في كتاب ليسهل على الطالب معرفتها، واقتصرت منها على ما هو أظهر تعلقًا، وأبين استنباطًا، ليكون مسبارًا لغيرها ودليلًا على مأخذ سواها.
وما عرض من اختلاف لأهل العلم في شيء من ذلك ذكرته ليعرف الناظر في كتابي ما اتفق عليه من الأحكام، وما اختلف فيه، وهذه إحدى فوائد معرفة الخلاف. والفائدة العظمى في معرفته أن يعرف الإنسان منها أدلة الشرع واحتمالاته، فإن أهل العلم ما اختلفوا في شيء إلا عن أدلة تعارضت، واحتمالات تخالفت، فقوي عند أحدهم دليل واحتمال لم يقو عند الآخر. ولهذا كان الشافعي -رضي الله عنه- يقول بالقولين في السؤال عن مسألة واحدة في حالٍ واحدة، ومالك -رضي الله تعالى عنه- وإن كان لم يقل مثل هذا، فكثيرًا ما كان يقول قولًا في مسألة، ثم يقول قولًا آخر في المسألة بعينها، وكذلك أبو حنيفة وغيره من العلماء، فإذا انحصر لك خلاف العلماء في مسألة علمت أن احتمالات الشريعة منحصرة لأنه لو كان هناك احتمال له قوة لقيل به.
ولما أخذت في بسط هذا المنهج من الأحكام رأيت أن أذكر مع ذلك ناسخ القرآن ومنسوخه، لتكمل به الفائدة، وتتم به للمتفقه العائدة، وإن قصرت في شيء مما اعتمدت عليه فبحسب بعد هذا المأخذ الذي لم أسبق إليه، وإن وقفت بي همتي دون مطلبي، فمبلغ نفس عذرها مثل منجح، والله الموفق للصواب.

* المؤلف:

ابن الفَرَس (524 - 599 هـ = 1130 - 1203 م)

عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الخزرجي، أبو عبد الله المعروف بابن الفَرَس

قاض أندلسي، من علماء غرناطة. ولي القضاء بجزيرة شقر، ثم في وادي آش، ثم في جيان. وأخيرا بغرناطة، وجعل إليه النظر في الحسبة والشرطة. وتوفي في إلبيرة. له تآليف، منها «كتاب أحكام القرآن - خ» فرغ من تأليفه بمرسية سنة 553 هـ[طُبع]ـ (1).
__________
(1) الديباج المذهب 218 و 734: Brock S I: 734. وبغية الوعاة 315 وفي قضاة الأندلس 110 وفاته سنة 597 هـ ومثله في التكملة لابن الأبار 651.

نقلا عن: «الأعلام» للزركلي [مع إضافة بين معقوفين]

* ما هو الكتاب الالكتروني؟ هو كتاب يعد بصيغة قابلة للتشغيل والنشر على مختلف الأجهزة الالكترونية، وتعمل هذه الخدمة على إفراده بالنشر، وفصله عن الموسوعات، وتهيئته بالصيغ الالكترونية المتعددة، وتوثيقه بنسخ مصورة (بي دي اف) ما أمكن.

بيانات النسخ: تشمل ما يلي:

* المصورة (بي دي اف): الكتاب: أحكام القرآن
المؤلف: أبو محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم المعروف «بابن الفرس الأندلسي» (المتوفى: 597 هـ)
تحقيق الجزء الأول: د/ طه بن علي بو سريح
تحقيق الجزء الثاني: د/ منجية بنت الهادي النفري السوايحي
تحقيق الجزء الثالث: صلاح الدين بو عفيف
الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان
الطبعة: الأولى، 1427 هـ - 2006 م

* الالكترونية (عدة صيغ): ذات المصورة.

تحميل الكتاب (عدة صيغ)

Twitter

Facebook

Youtube